بحث

الانتقالي بين وهم "الدولتين" وحقيقة الدولة الواحدة

عادل الشجاع

من جديد، يطل علينا المجلس الانتقالي ببيانٍ متشنج، يهاجم فيه وزير الخارجية الدكتور شايع الزنداني، لمجرد أنه قال الحقيقة كما هي، لا كما يريد البعض أن يتخيلها أو يتاجر بها، الحقيقة التي لا يمكن تغليفها بشعارات أو مزايدات: لا وجود لأي حديث عن "حل الدولتين" في اليمن، لا إقليمياً ولا دولياً.

تصريحات الوزير الزنداني لم تكن خروجًا عن التفاهمات، بل تأكيدًا للموقف الرسمي للدولة اليمنية، وموقف المجتمع الدولي الذي لا يعترف إلا بيمن واحد موحد، جمهوريةً وشعبا وسيادة، أما أن يصف المجلس الانتقالي هذه الحقيقة بـ"الإساءة لقضية الجنوب"، فتلك مفارقة عجيبة، لا تخرج إلا ممن اعتاد أن يبني مشروعه على الأوهام لا على الوقائع!

بيع الوهم لا يصنع دولة

لقد آن للانتقالي أن يدرك أن سياسة بيع الوهم للشارع الجنوبي لن تبني دولة، ولن تمنحهم اعترافًا دوليًا أو شرعية قانونية، العالم كله يتعامل مع اليمن كدولة واحدة، والحكومة الحالية — بكل مكوناتها بما فيهم الانتقالي نفسه — تعمل وفق اتفاق الرياض الذي أرسى شراكة في إطار دولة اتحادية لا دويلات متناحرة، فكيف يهاجم الانتقالي اليوم وزيرًا يمثل الحكومة التي هو جزء منها؟ وأي شراكة هذه التي يرفع شعارها بيد، ويطعنها بالبيانات بيد أخرى؟

ازدواجية الموقف

يصر المجلس الانتقالي على التحدث بلسان الشريك حين يريد المكاسب، ويتقمص دور الخصم حين يفقد زمام التأثير، هذه الازدواجية هي التي عطلت مؤسسات الدولة، وأربكت أداء الحكومة، وشلت عجلة الخدمات في المحافظات المحررة، من السهل أن تصدر البيانات وتلقي اللوم، لكن من الصعب أن تتحمل مسؤولية الدولة، وأن تنضبط بمقتضياتها، وأن تكف عن الخطاب الإقصائي الذي لا يخدم إلا مشاريع الفوضى.

الوزير الزنداني عبر عن الموقف الرسمي

ما قاله الوزير الزنداني ليس رأيًا شخصيًا، بل هو جوهر الموقف الرسمي اليمني الذي يتمسك بوحدة البلاد وسلامة أراضيها، ومن المعيب أن يصور الالتزام بالشرعية والدستور على أنه "تجاوز للشراكة"، لأن الشراكة الحقيقية لا تعني السماح لأحد بتمزيق الدولة أو القفز على مرجعياتها، فاتفاق الرياض لم يكن بوابة لتفكيك اليمن، بل جسر عبور نحو الاستقرار وتوحيد الجهود تحت راية واحدة في مواجهة الانقلاب الحوثي، لا في إشعال انقسامات جديدة.

ختامًا

كفى مزايدات، وكفى هروبًا من الواقع، اليمن يمر بمرحلة دقيقة، تتطلب من الجميع — وفي مقدمتهم المجلس الانتقالي — أن يضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبارات فئوية أو جهوية، من أراد أن يكون شريكًا في الدولة، فليتصرف كدولة، ومن أراد أن يعيش في وهم "الدولتين"، فليعلم أن العالم لا يعترف إلا بدولة يمنية واحدة، ولن يمنح شرعية لمن يعبث بوحدتها.

آخر الأخبار