بحث

الخفايا والكواليس — ما الذي لم يُعلن في تصنيف السعودية حليفاً رئيسياً خارج الناتو ؟

مصطفى بن خالد

 

قراءة خلف الجدران
بسم الله الرحمن الرحيم 
مـــصـــطــفـــى بن خالد

الخفايا والكواليس — ما الذي لم يُعلن في تصنيف
 السعودية حليفاً رئيسياً خارج الناتو ؟

يعتقد مراقبون دوليون ودبلوماسيون مطلعون أنّ قرار واشنطن لم يأتِ فجأة، بل تتداخل خلفه سلسلة من الحسابات المعقدة التي تجمع السياسة، والطاقة، والردع العسكري، والتنافس الدولي بين القوى الكبرى. وفيما يلي أهم ما يدور خلف الستار:

أولاً: تنافس أميركي – صيني على (الموقع) وليس فقط على (السعودية).

امتد النفوذ الصيني في الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية عبر مشاريع رقمية وبُنى تحتية واتفاقيات طاقة.
واشنطن، بحسب مصادر دبلوماسية، رأت أن الرياض أصبحت نقطة التوازن الجيوسياسي في المنطقة، وأن تأخّر ضبط التحالف معها قد يفتح الباب أمام نفوذ صيني أوسع يشمل الذكاء الاصطناعي والاتصالات والدفاع السيبراني.

الخفايا:
التصنيف في جوهره “رسالة أميركية” مفادها أن الشراكة مع السعودية أصبحت جزءاً من معادلة الاحتواء الأميركي للصين في الشرق الأوسط.

ثانياً: ترتيبات دفاعية جديدة غير معلنة — طبقات الردع

تفيد مصادر في دوائر الأمن القومي الأميركي أن واشنطن تعمل منذ شهور على إعادة هيكلة شبكة الرادارات والإنذار المبكر في الخليج والبحر الأحمر، وأن تصنيف MNNA يمهّد تقنياً لدمج الأنظمة السعودية والخليجية في “ مظلّة إقليمية موحدة ”.

الخفايا:
قد يشمل التعاون، بمرور الوقت، شبكات اعتراض صاروخي مشتركة، ومحطات مراقبة بحرية متقدمة في البحر الأحمر وخليج عدن، إضافة إلى غرف عمليات هجينة تشمل الذكاء الاصطناعي والبيانات الفضائية.

ثالثاً: رسالة مباشرة لإيران — من تحت الطاولة

في الخطاب العلني، تتحدث واشنطن عن “ تعاون استراتيجي طويل الأمد ”، لكن مصادر غربية ترى أن التوقيت مرتبط بتزايد الانشطة الايرانية في الخليج والبحر الأحمر، واتساع نفوذ الجماعات المسلحة الموالية لإيران حول ممرات الملاحة.

الخفايا:
القرار يأتي ضمن سياسة “ الردع الاستباقي ” الأميركية لقطع الطريق على أي محاولة لفرض واقع عسكري جديد في المضائق البحرية الحيوية.

رابعاً: صفقات تسليح قادمـة — أهم من الإعلان نفسه

التصنيف بحد ذاته يمنح امتيازات، لكنه — حسب مصادر اقتصادية — يمهّد لسلسلة صفقات ضخمة سيتم الإعلان عنها تدريجياً خلال أشهر، تشمل:
 •أنظمة دفاع جوي بعيدة المدى
 •تقنيات مسيّرات هجومية واستطلاعية
 •تحديث أساطيل الطيران
 •تعاون لوجستي في ممرات البحر الأحمر والخليج

الخفايا:
بعض الصفقات سيكون “ مشترك الإنتاج ” داخل السعودية، ضمن رؤية 2030 وبرامج توطين الصناعات الدفاعية.

خامساً: البُعد الاقتصادي الخفي — حماية التحول السعودي

ترى المؤسسات الأميركية أن التحولات الاقتصادية الكبرى في السعودية (الهيدروجين، المدن الذكية، المشاريع العملاقة مثل نيوم) أصبحت هدفاً محتملاً للتهديدات غير التقليدية، من السيبراني إلى الإقليمي.

الخفايا:
واشنطن تعتبر أن تصنيف MNNA جزء من “ مظلّة استقرار ” تحمي تدفقات الاستثمارات وتصون دور السعودية كقائد في سوق الطاقة العالمي خلال مرحلة الانتقال الطاقي.

سادساً: موقف أوروبي متردد… ولكن مرحّب سراً

بينما أبدت بعض الدول الأوروبية تحفظات دبلوماسية، ترى مصادر داخل الاتحاد الأوروبي أن الخطوة الأميركية ستمنحهم مساحة للاستفادة من الاستقرار الإقليمي دون تحمل تكاليف أمنية مباشرة.

الخفايا:
الأوروبيون يعتزمون الدخول في موجة استثمارات في الطاقة النظيفة السعودية بعد اتضاح شكل التحالف الأمني الجديد.

سابعاً: حسابات داخل واشنطن — توافق نادر بين الجمهوريين والديمقراطيين

على غير العادة، تَحقق شبه توافق أميركي على أهمية تعزيز التحالف مع السعودية.
مصادر في الكونغرس تشير إلى أن الملف الأمني والطاقي يشكل أحد الملفات القليلة التي تحظى بإجماع في واشنطن وسط انقسامات سياسية حادة.

الخفايا:
جهازا الدفاع والخارجية — وليس البيت الأبيض وحده — دفعا بقوة نحو هذا التصنيف تمهيداً لمرحلة إعادة تموضع أميركية شرق أوسطية.

ثامناً: تأثير مباشر على البحر الأحمر وباب المندب

الخبراء العسكريون يؤكدون أن أي بنية أمنية جديدة ستجعل من باب المندب منطقة اختبار رئيسية للتعاون الأمني الأميركي – السعودي، خصوصاً مع تطورات اليمن والقرن الإفريقي.

الخفايا:
سيتم إنشاء نقاط رصد بحرية – استخباراتية متقدمة مرتبطة بالأقمار الصناعية والسفن الأميركية، لضمان بقاء المضيق “ ممراً آمناً دولياً ”.

الخلاصة الخفية — ما وراء البرتوكول

تصنيف السعودية (حليفاً رئيسياً خارج الناتو) ليس مجرد إعلان دبلوماسي، بل تأسيس لمنظومة جديدة تتجاوز الحدود التقليدية للتحالفات، وتفتح باباً أمام شكل غير مسبوق من التعاون العسكري – الاستخباراتي – الاقتصادي.

هو خطوة تعيد رسم خريطة القوة في المنطقة، وتضع السعودية في موقع جديد يمكن وصفه بأنه:
“ شريك مركزي في هندسة الأمن الإقليمي ”.

آخر الأخبار