القسم في الشرائع السماوية عقد مقدس، لا يعبث به إلا شخص لا يرى لأمانة الحكم قيمة ولا للشعب وزنا، فإذا كان هؤلاء قد تجرؤوا على الكذب على الله حينما أقسموا بأن يتمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه والحفاظ على النظام الجمهوري واحترام الدستور والقانون وأن يرعوا مصالح الشعب وحرياته وأن يحافظوا على وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه، فهل نتوقع منهم أن يلتزموا بوعود قطعوها على الشعب؟
كيف نطلب من شخص لم يصمد أمام الله عشر ثوانٍ أن يصمد أمام الفوضى السياسية ثلاث سنوات؟
وكيف ننتظر من مجلس لا يحترم الدستور أن يحترم المواطن؟
أليس هذا أشبه بأن تسأل السارق أن يحرس الخزنة؟
مجلس القيادة… العظام أصبح رميما ونحن مازلنا ننتظر المعجزة؟
مازال بعض الطيبين – الذين يبدو أنهم أكثر وفاء من أعضاء المجلس أنفسهم – ينتظرون أن ينهض هذا المجلس ليعيد الدولة، وكأننا أمام نبي يحيي العظام وهي رميم!. كل يوم يقولون: "ربما غدا… ربما في الاجتماع القادم… ربما بعد العودة من الرياض… ربما بعد انتهاء هدنة أو بدء هدنة…"
والنتيجة؟
لا دولة، لا قرار، لا سيادة… فقط مجلس يتنقل من عاصمة إلى فندق بحثا عن دور لم يعد موجودا.
مجلس القيادة اليوم يشبه هاتفا قديما فقد بطاريته منذ زمن، لكن صاحبه مازال يضعه في الشاحن كل ليلة على أمل أن يضيء… ولن يضيء!
أما البرلمان… كان صوتا يحدث ضجيجا ثم اختفى، أما مجلس النواب فحدث ولا حرج، أو بالأصح لا تحدث، لأنه لم يعد هناك من يسمع أو يتحدث، فالبركاني الذي كان يطل علينا عبر “مصدر مسؤول” ليلقن الجميع كيف يجب أن يفكروا، اختفى تماما، كأنه ذاب في حرارة الصفقات المالية التي أصبحت أهم من الكرامة الدستورية التي كان يتغنى بها، من كان يتوعد من يراجع أداء الشرعية أو ينتقد فساد البرلمان، أصبح اليوم مشغولا بالبحث عن “ميزانية تشغيله الشخصية” أكثر من البحث عن ميزانية دولة!
خلاصة المشهد:
نحن أمام مجلس قيادة أقسم على الله… ثم خالف كل حرف في القسم، وبرلمان صامت، حتى صدى صمته فقدناه، ومسؤولون يتهافتون على الرواتب والتسهيلات، لا على مسؤولياتهم، وشعب ينتظر من هذه المنظومة المعطوبة أن تعيد اليمن إلى الحياة!
الحقيقة المؤلمة الساخرية هي:
أن القسم الوحيد الذي التزموا به، هو القسم غير المعلن على تقاسم النفوذ والمناصب… أما اليمن فليس ضمن جدول الأعمال والأدهى من كل ذلك غابت النخب، فأين أساتذة الجامعات وأين المحامون والقضاة والإعلاميون والمثقفون وأين الناشطات النسويات؟