بحث

قرار ترامب باعتبار الاخوان جماعة ارهابية

قرار ترامب بشأن الإخوان… قراءة في الدوافع والخفايا والمآلات

الخميس 27/نوفمبر/2025 - الساعة: 5:06 م

صحيفة بحر العرب - خاص

 

قرار ترامب بشأن الإخوان… قراءة في الدوافع والخفايا والمآلات

تحليل استراتيجي:

1. تمهيد: حدثٌ أكبر من مجرد تصنيف

قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البدء في إجراءات تصنيف فروع من جماعة الإخوان المسلمين كـ “منظمات إرهابية” ليس قراراً عابراً، بل تحوّل يُعيد رسم خطوط النفوذ السياسي والديني في الشرق الأوسط.

الخطوة تحمل وزناً سياسياً وثقلياً، وارتداداتها تتجاوز حدود الإدراج القانوني إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة.

2. الحدث في سياقه الدولي

يأتي القرار في لحظة إقليمية مضطربة:

•اشتداد التنافس الإقليمي بين مصر والسعودية والإمارات من جهة، وتركيا وقطر من جهة أخرى.

•تصاعد الحرب في السودان بوجود اتهامات بتداخلات أيديولوجية.

•ضغوط داخلية في الولايات المتحدة لإعادة تعريف “ الإسلام السياسي ”.

ترامب، بعودته للرئاسة، يعبّر عن رغبة في إعادة صياغة المشهد الأمني الدولي وفق منهج “العدو الأيديولوجي”، لا “التهديد العسكري فقط”.

3. الحدث في ميزان الإستراتيجية الأمريكية

أ – الأهداف المعلنة

•مواجهة “الجماعات العابرة للحدود” التي ترى واشنطن أنها تؤثر في مصالحها وحلفائها.

•تجفيف شبكات التمويل المرتبطة بجماعات ذات امتدادات فكرية وسياسية.

ب – الأهداف غير المعلنة (الخفايا الاستراتيجية)

1.ترميم العلاقات مع حلفاء واشنطن التقليديين

القرار ينسجم مع مطالب دول عربية ترى في الإخوان تهديداً مباشراً.

2.تقييد النفوذ التركي والقطري

تصنيف فروع الإخوان يضرب أدوات النفوذ الناعمة لدى أنقرة والدوحة، ويحد من قدرتها على التحرك عبر واجهات سياسية ودعوية.

3.إعادة ضبط التوازن داخل “الإسلام السنّي”

الولايات المتحدة تحاول دعم تيارات دينية تقليدية على حساب الإسلام السياسي؛ وهذا يعيد تشكيل المشهد الديني لصالح استقرار حكومي أكثر وأيديولوجيا أقل.

4.رسالة داخلية للناخب الأمريكي

ترامب يخاطب قاعدته المحافظة عبر قرارات ذات طابع أمني–أيديولوجي، خصوصاً بعد سنوات من الجدل حول الهجرة والإرهاب.

4. التأثيرات الإقليمية: إعادة توزيع الأوراق

أ – مصر: تثبيت الرواية الرسمية

القرار يعد أكبر انتصار سياسي للقاهرة منذ 2013، ويمنحها شرعية أمريكية في حربها ضد الإخوان.

ب – الأردن: ملف حساس تحت الضغط

الجماعة هناك تاريخياً جزء من الحياة السياسية.

القرار قد يدفع عمّان أكثر إلى إعادة هيكلة العلاقة معهم أو عزلهم تدريجياً وقد بدأت.

ج – لبنان: فروع صغيرة… لكن حساسة

التصنيف قد يُستخدم كأداة ضغط في المشهد الطائفي والسياسي المعقّد.

د – السودان: الارتدادات الأخطر

وجود اتهامات بانتماءات أيديولوجية لبعض أطراف الصراع يعني أن القرار قد يعيد توزيع التحالفات، أو يغير توازن الدعم الدولي.

هـ – تركيا وقطر: خسارة أداة ضغط مهمة

التصنيف يحدّ من قدرة البلدين على استخدام الإخوان كقوة سياسية ناعمة، ما يخلق فراغاً في أدوات النفوذ.

5. الخفايا الأعمق: اللعبة الأمريكية طويلة المدى

هناك ثلاثة دوافع بعيدة المدى تتجاوز الحدث نفسه:

1) بناء “نظام الشرق الأوسط الجديد”

واشنطن تسعى لصياغة بيئة سياسية أقل قابلية للانفجار بعد 20 عاماً من الحروب والفوضى.

2) إعادة تعريف “الشرعية السياسية الدينية”

نقل القوة من الإسلام السياسي إلى الإسلام المؤسسي التقليدي، وتقوية الدولة على حساب التنظيمات العابر للحدود.

3) اختبار ردود الأجنحة المختلفة داخل الإخوان

واشنطن تريد رسم خريطة دقيقة لانقسامات الجماعة:

من منهم تيار إصلاحي؟ من منهم تيار متشدد؟ من يمارس عملاً سياسياً؟ من يقدم دعماً مالياً؟

6. المآلات والسيناريوهات المستقبلية

السيناريو الأول: تصنيف شامل (20%)

يُدرج عدد من الفروع دفعة واحدة.

هذا السيناريو يخلق:

•حصاراً مالياً دولياً

•موجة اعتقالات في دول عربية

•قطع طرق التمويل

•ضغطاً كبيراً على تركيا وقطر.

السيناريو الثاني: تصنيف جزئي (50% – الأكثر ترجيحاً)

استهداف فروع محددة (مصر – لبنان – الأردن – السودان).

لكن الجماعة ككيان عالمي تبقى دون تصنيف شامل.

هذا السيناريو يسمح لواشنطن باستخدام الورقة لأغراض سياسية مستقبلية.

السيناريو الثالث: قرار رمزي طويل الأمد (30%)

يمنح البيت الأبيض ورقة ضغط دون تطبيق كامل.

ويتحول الملف إلى “أداة تفاوضية” في قضايا كبرى: الغاز، التطبيع، الأمن الإقليمي.

7. الخلاصة: القرار ليس نهاية المعركة بل بداية مرحلة جديدة

قرار ترامب ليس حدثاً إدارياً تقنياً؛ إنه رسالة استراتيجية تقول إن واشنطن تريد إعادة ترتيب أدوات التأثير في المنطقة.

الإخوان — كتنظيم واسع ومتشعب — يدخلون الآن مرحلة “إعادة التحديد”:

من هم السياسيون؟

من هم الدعويون؟

من هم المرتبطون بالصراعات المسلحة؟

المرحلة القادمة ستكون اختباراً لقدرة الجماعة على التكيف، وقدرة الدول على استيعاب المتغير الجديد، وقدرة واشنطن على إدارة ورقة حساسة قد تغير شكل العلاقة بين الإسلام السياسي والغرب لعقد كامل.

 

متعلقات:

آخر الأخبار