احتجاجات إيران: أزمة اقتصادية عميقة تختبر صمود النظام في ظل غياب بديل منظم
صحيفة بحر العرب - متابعات:
تُعدّ الاحتجاجات التي تشهدها إيران، على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية، تحديًا كبيرًا للنظام الحاكم، لكنها ليست الأخطر في تاريخه، بحسب تقرير لصحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، التي أشارت إلى أن غياب معارضة منظمة يجعل من الصعب حاليًا تصور انهيار النظام أو تغييره.
ووفق التقرير، بدأت الاحتجاجات في سوق طهران وامتدت إلى مدن أخرى بسبب سياسات التقشف التي تنتهجها حكومة الرئيس مسعود بزشكيان والانهيار المتسارع في قيمة العملة المحلية.
وأوعز بزشكيان إلى المسؤولين بالتواصل مع المتظاهرين بدلًا من قمعهم، في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي.
وترى الصحيفة أن الأزمة الاقتصادية في إيران ناتجة عن تراكم عوامل عدة، من أبرزها العقوبات الغربية الصارمة، خاصة على قطاع الطاقة، إضافة إلى الفساد، وسوء الإدارة، وتدخل الحرس الثوري في مفاصل الاقتصاد.
كما حذّر التقرير من أن أي تدخل خارجي مباشر، سواء من إسرائيل أو الدول الغربية، قد يُعطي النظام ذريعة لاتهام المحتجين بالعمالة، مما قد يؤدي إلى تصعيد القمع بدلًا من إضعاف النظام. ومع ذلك، إذا طالت الاحتجاجات وأدت إلى إقالة الرئيس أو اندلاع اضطرابات في مستويات السلطة العليا، فقد تكون بداية منعطف حقيقي في مستقبل النظام الإيراني.
وتتفاقم هذه الأوضاع بسبب انهيار البنية التحتية وسلسلة الكوارث الطبيعية التي ضربت إيران خلال العام الماضي. إن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب إيران مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالوضع الأمني المتأزم الذي تعيشه طهران، وخوفها من مواجهة أخرى مع إسرائيل، وهو احتمال يُجبر النظام على إنفاق مبالغ طائلة استعدادًا لحرب مستقبلية.
ومن هنا، يرى التقرير أن المشكلة الأساسية للنظام تكمن في قلة قدرته الحقيقية على مواجهة التحديات الاقتصادية.
ورغم أن الرئيس بزشكيان قد أقال محافظ البنك المركزي الإيراني، الذي عُيّن في عهد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، فإن هذه الخطوة لا تُعدّ سوى قطرة في محيط.
فحتى تعيين محافظ جديد للبنك المركزي لا يُمكنه تغيير الواقع الأساسي المتمثل في افتقار النظام إلى الأموال اللازمة لمعالجة العجز الهائل في ميزانية الدولة، وتجنب إلحاق المزيد من الضرر الاقتصادي والاجتماعي بمواطنيه، بحسب الصحيفة.
وتضيف: بطبيعة الحال، تُحيي كل موجة احتجاجات الآمال في أن تُفضي هذه المرة إلى تغيير النظام في إيران، مشيرة إلى أن الصعوبة تكمن في أن النظام، رغم محنته، أظهر مرونةً في الماضي عند مواجهة مواقف مماثلة، بل وأكثر خطورة. فقد اعتمد على قوات أمنه الداخلي واستغل غياب قيادة منظمة قادرة على الحلول محله.
وأوضحت الصحيفة أن النظام الإيراني مُلِمٌّ بإستراتيجية "فرق تسد" التي تمنع ظهور كتلة جماهيرية تُسبب له الحرج في الشوارع. صحيحٌ أن القيادة لا تملك حلًّا جاهزًا يمكنها اللجوء إليه فجأة لتحسين الوضع في إيران بشكلٍ ملموس، باستثناء إقالة كبار المسؤولين، إلا أنه طالما يُحكِم النظام قبضته الأمنية، فمن المشكوك فيه أن تُزعزع هذه الاحتجاجات وحدها استقراره، بحسب الصحيفة.