بحث

أثرياء صينيون ينجبون عشرات الأطفال الأميركيين عبر تأجير الأرحام

الأحد 14/ديسمبر/2025 - الساعة: 7:07 م

صحيفة بحر العرب - متابعات

كشفت تقارير صحفية أميركية عن تنامي ظاهرة لجوء أثرياء صينيين، بينهم مليارديرات، إلى تأجير الأرحام في الولايات المتحدة لإنجاب عشرات الأطفال، مستفيدين من القوانين الأميركية التي تمنح الجنسية تلقائياً لكل مولود على الأراضي الأميركية، في مشهد يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية متصاعدة.

ووفقاً لما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» واطلعت عليه «اندبندنت عربية»، بدأت خيوط القضية تتكشف داخل قاعة محكمة أسرة مغلقة في لوس أنجليس، عندما لاحظ موظفو المحكمة تكرار الاسم ذاته في طلبات متتالية لإثبات الأبوة. وبعد التدقيق، تبين أن رجل أعمال صينياً واحداً يسعى للحصول على حقوق الأبوة لأطفال كثر لم يولدوا بعد، فيما أنجب بالفعل، أو كان في طريقه لإنجاب، ما لا يقل عن 12 طفلاً عبر أمهات بديلات في الولايات المتحدة.

وخلال جلسة سرية عقدت صيف 2023، استمعت القاضية إيمي بيلمان إلى رجل الأعمال الصيني شو بو، عبر الاتصال المرئي من الصين، حيث أعلن صراحة رغبته في إنجاب نحو 20 طفلاً مولودين في الولايات المتحدة، مفضلاً الذكور «لأنهم أصلح لخلافته في إدارة أعماله»، بحسب ما نقلته الصحيفة.

وأقر شو بأن عدداً من أطفاله يعيشون حالياً مع مربيات في مدينة إرفاين قرب لوس أنجليس، بانتظار استكمال إجراءات سفرهم، مشيراً إلى أنه لم يلتقِ بهم بعد بسبب انشغالاته المهنية. هذا الاعتراف دفع القاضية إلى اتخاذ خطوة نادرة، برفض طلبه لإثبات الأبوة، معتبرة أن تأجير الأرحام «وسيلة لبناء الأسر، لا مشروعاً لإنتاج الأطفال على نطاق واسع»، ما ترك وضع الأطفال القانوني معلقاً.

وتشير الصحيفة إلى أن قرار القاضية شكل انتقاداً صريحاً لصناعة تأجير الأرحام الأميركية، التي توصف بأنها شبه غير منظمة، إذ يتجه عدد متزايد من النخب الصينية إلى الولايات المتحدة هرباً من الحظر المفروض على هذه الممارسة داخل الصين.

وبفضل شبكة متكاملة تضم وكالات متخصصة وعيادات إخصاب ومكاتب محاماة وخدمات رعاية ونقل حديثي الولادة، بات في مقدور بعض الأثرياء إنجاب أطفال أميركيين من دون الحضور شخصياً إلى الولايات المتحدة، بكلفة تصل إلى نحو 200 ألف دولار للطفل الواحد.

ويقول خبراء في هذا المجال إن بعض العملاء الجدد «فاحشي الثراء» يسعون إلى بناء ما يسمونه «سلالات عائلية عملاقة»، مستلهمين تجارب شخصيات عالمية معروفة بإنجاب عدد كبير من الأطفال، في ظل غياب قيود ملزمة تحدد عدد عمليات تأجير الأرحام المسموح بها للشخص الواحد.

وتكتسب الظاهرة حساسية سياسية خاصة، إذ يمنح التعديل الـ14 من الدستور الأميركي الجنسية تلقائياً لكل مولود داخل الولايات المتحدة. وعلى رغم تشديد القيود على ما يعرف بـ«سياحة الولادة» في السنوات الأخيرة، فإن وضع الأطفال المولودين عبر تأجير الأرحام لا يزال محل جدل قانوني.

وفي هذا السياق، قدم مشرعون أميركيون مشاريع قوانين تهدف إلى تقييد استخدام تأجير الأرحام من قبل مواطني دول معينة، من بينها الصين، وسط تقارير عن تحقيقات اتحادية شملت أمهات بديلات تعاملن مع آباء صينيين.

وعلى رغم أن السلطات الصينية غالباً ما تغض الطرف عن هذه الممارسات خارج البلاد، فإنها أعربت عن تحفظها حيالها، محذرة من «أزمات أخلاقية واجتماعية خطرة». كما أثارت قضايا مشابهة داخل الصين فضائح واسعة، كان لها تبعات اجتماعية وسياسية.

ويرى مراقبون أن هذه الظاهرة تكشف عن تقاطع معقد بين المال والقانون والأخلاق، وتضع الدول أمام تحديات تتعلق بتنظيم ممارسات عابرة للحدود، وحماية حقوق الأطفال، وضبط صناعة تتوسع في منطقة رمادية قانونياً.

ومع استمرار الطلب واتساع السوق، يبدو أن الجدل حول تأجير الأرحام العابرة للحدود مرشح للتصاعد، في عالم تتداخل فيه السياسة والاقتصاد والبيولوجيا على نحو غير مسبوق.

متعلقات:

آخر الأخبار