الخرطوم: نقل رفات الحرب يذكّر الأسر السودانية بألم الفقد
صحيفة بحر العرب - متابعات
بدأت السلطات السودانية، بدعم من الهلال الأحمر، حملة منظمة لنقل رفات المدنيين والمقاتلين من مواقع الدفن الطارئة في المنازل والمدارس والمساجد إلى مقابر عامة مجهزة في ولاية الخرطوم، في خطوة تهدف إلى ترتيب المشهد الصحي والإنساني بعد صراع استمر لأشهر.
وتقول إيمان عبد العظيم، إحدى المتضررات، إن نقل رفات شقيقها إلى المقابر الرسمية أعاد إليها الألم الذي شعرت به عند دفنه مؤقتاً في فناء منزلها خلال المعارك، وهي تجربة عاشتها مئات الأسر في الخرطوم التي دفنت أحبائها مرتين، الأولى في ظروف الحرب الطارئة، والثانية في إطار الحملة الرسمية الحالية.
الحملة تشمل حصر مواقع الدفن الطارئة، إشراك العائلات في كل خطوة، نبش الرفات تحت إشراف مختصين من الطب العدلي، وإعادة الدفن مع توثيق كامل للبيانات. وأكد المدير التنفيذي لمحلية بحري، عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، أن الحملة تهدف إلى تخفيف العبء النفسي عن الأسر وتنظيم المشهد الصحي، مشيراً إلى إشراف اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين على العملية، وفقاً لـ "الجزيرة نت".
وحذر مسؤولون من تحديات كبيرة تواجه الفرق الميدانية، أبرزها نقص الأكياس المخصصة للجثامين، بالإضافة إلى آثار تخريب وحدات حفظ عينات الحمض النووي، ما صعّب التعرف على بعض الضحايا. ومع ذلك، تم اعتماد حلول بديلة عبر ترقيم الجثامين وتوثيق مراحل الدفن لضمان إعادة دفنها بشكل منظم، بما يشمل مجهولي الهوية.
وقالت شيرين الطيب نور الدائم، نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات، إن فرقها قامت بحصر القبور داخل المنازل والمساجد والميادين، بالتنسيق مع الفرق الطبية والقانونية، لضمان مشاركة الأسر في عمليات النبش والدفن، مؤكدة أهمية التبليغ عن أي قبور اضطرارية لمساعدة الفرق على الوصول إليها.
وتشكل هذه الحملة جزءاً من جهود أوسع لإعادة ترتيب الخرطوم بعد الحرب، وتأهيل البيئة لعودة المواطنين، مع الإقرار بأن وداع الأحباء للمرة الثانية يمثل عبئاً نفسياً على العائلات، لكنه خطوة أساسية نحو التعافي وبناء مستقبل أكثر أماناً وإنسانية.