ندوة حقوقية تناقش التعليم المؤدلج ومستقبل المواطنة في اليمن
صحيفة بحر العرب - خاص
بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نظّمت مؤسسة نداء للتعايش والبناء، بالشراكة مع منظمة سام للحقوق والحريات، مساء الجمعة، ندوة فكرية عبر تطبيق «زووم» بعنوان: «من المدرسة إلى المواطنة: حقوق الإنسان في قلب التعليم»، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والحقوقيين والإعلاميين والشباب.
هدفت الندوة التي أدارتها الدكتورة منية ثابت، إلى فتح نقاش معمّق حول واقع التعليم في اليمن، بوصفه أحد أكثر الملفات حساسية وتأثيرًا، في ظل ما يشهده من تسييس وأدلجة انعكست سلبًا على الوعي الجمعي وقيم المواطنة والتعايش.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس مؤسسة نداء للتعايش والبناء، الأستاذ وليد عياش، أن الندوة تمثل محاولة جادة لإعادة طرح السؤال الجوهري حول وظيفة التعليم ودوره في بناء الإنسان، مشيرًا إلى أن أزمات اليمن الراهنة ليست سياسية فحسب، بل هي نتاج تراكم طويل لتعليم صادر حق الطالب في التفكير النقدي، وكرّس التلقين والطاعة على حساب الفهم والمشاركة.
وناقشت الندوة، عبر أوراق عمل علمية وتجارب ميدانية ورؤى شبابية، الآثار العميقة للتعليم المؤدلج على السلوك الفردي والاجتماعي، وقدرته على إضعاف قيم الكرامة والمواطنة والعيش المشترك، مقدّمة في الوقت ذاته مقترحات عملية لإصلاح المنظومة التعليمية.
وقدّم الأستاذ الدكتور حبيب عبدالرب سروري ورقة بعنوان «نحو تعليم حديث يرتكز على العقل والحرية وحقوق الإنسان»، شدد فيها على ضرورة تحرير المدرسة من دورها التقليدي القائم على إعادة إنتاج الخضوع، والدفع نحو تعليم يعزز التفكير النقدي ويضع حقوق الإنسان في صميم العملية التعليمية.
ومن منظور شبابي، عرض الأستاذ مصطفى منصر ورقته «التعليم والمواطنة: رؤية شبابية يمنية لتعزيز حقوق الإنسان في المدرسة»، مؤكدًا أن المواطنة تُبنى بالممارسة اليومية داخل المدرسة، من خلال إشراك الطلبة واحترام آرائهم، لا عبر تدريسها كنصوص نظرية.
كما استعرضت الأستاذة روحية ثابت تجربة ميدانية ناجحة في ورقتها «تجربة مؤسسة التميّز في ثقافة حقوق الإنسان والتعايش»، موضحة إمكانية تحويل قيم الكرامة والتعايش إلى واقع عملي داخل المدارس عبر شراكات فاعلة مع المجتمع.
وقدّم الأستاذ أيمن أكرم عياش إطارًا تصوريًا في ورقته «التعليم وحقوق الإنسان: نحو نموذج تربوي يمني جديد»، دعا فيه إلى إعادة بناء المدرسة اليمنية على أساس حقوق الإنسان، وضمان الحق في التعليم للفئات الأكثر تهميشًا، بما في ذلك ذوو الإعاقة وذوو البشرة السوداء والنساء.
من جهتها، شددت الأستاذة الدكتورة إلهام المانع، في ورقتها «التعليم والمواطنة الشاملة»، على أهمية حماية حياد المدرسة ومنع التمييز، محذّرة من أن فقدان الحياد يحوّل المدرسة من مساحة أمان إلى أداة صراع.
وفي ختام الندوة، أكد وليد عياش أن إصلاح التعليم في اليمن بات شرطًا أساسيًا لتحقيق سلام مستدام وبناء دولة عادلة، مشيرًا إلى أن المؤسسة ستولي خلال عام 2026 اهتمامًا أكبر بملف التعليم وعلاقته بحقوق الإنسان، باعتباره المدخل الحقيقي لبناء الإنسان والمواطنة.